
دائما ما تكون العلاقة بين الزوجة وأم زوجها – الحماة - مشوبة بالتوتر والصراعات الدفينة، ذلك أن كل واحدة فيها تقاتل من أجل الحصول على قلب الرجل ، فالأم ترى أن زوجة إبنها غريمتها لأنها قد جاءت بكل سهولة وخطفت قلب هذا الصبى الذى لاطالما تعبت وسهرت وبذلت الغالى والنفيس فى إسعاده وعلى تربيته ، والزوجة ترى أن حماتها لا تريد لها السعادة ولا الإستقرار وتريد التفريق بينها وبين زوجها بكل الطرق المشروعة والغير مشروعة.
- والحقيقة أن المظلوم فى هذا الأمر هو الزوج؛ لأنه إن حاول إرضاء أمه تسخط زوجته، وإن حاول إرضاء زوجته تغضب أمه منه وترى أنه يفضل زوجته عليها وأنه بذلك قد خالف أمر الله فى طاعة وبر الوالدين ، ونحن هنا فى قمرايه سوف نتناول هذه القضية الأزلية بكل حيادية فنوضح أسباب الخلاف بين الزوجة (الكَنّة) وحماتها، ونظهر لكل طرف (الأم – الزوج – الزوجة) أسباب هذه المشكلة وطرق حلها .
- ونريد أن ننوه أن الخلاف الذى ينشأ بين الكنة وحماتها لا يكون بالضرورة نتيجة سوء أخلاق أحدهما؛ ولكن قد يكون ناتجاً عن سوء فهم كلٌ منهما لطبيعة الآخر.
أسباب الخلاف بين الزوجة والحماة
الأسباب المتعلقة بالحماة
- الغيرة المرضية القاتلة لدى بعض الحموات من زوجة الإبن، وخاصة عندما تجد إبنها سعيداً مع زوجته فتتسرب الغيرة إليها وبالأخص إذا وجدت من قرناء السوء من يغذى لها هذا الشعور.
- محاولة الأم فرض سيطرتها على ولدها التى ترعى مصالحه وشئونه منذ ولادته إلى هذه اللحظة التى يدخل فيها إلى قفص الزوجية، فلا تقتنع الأم أنه حانت اللحظة التى تعطى فيها الزمام لولدها الذى أصبح بدوره مسؤلاً عن أسرة وبيت .
- محاولات الحماة المستميتة من أجل السيطرة على زوجة الإبن فتراها تتدخل فى اختيارتها وفى شئونها وفى حياتها الزوجية بشكل مستفز للزوجة التى تريد أن تنظم حياتها بالكيفية التى تراها مناسبة لها .
- تقليل الحماة من عقل زوجة الإبن، فدائماً تكثر الكلام مع إبنها على أن زوجته تافهة ولا تستطيع تدبير شئونها ولا شئون منزلها كما كانت هي تدبره والتى بالقطع تمتلك الكثير من الخبرة.
- تكثر الحماة الشكوى من زوجة الإبن لإبنها " عملت – سوت "، مما تجعل الإبن بفطرته يتعاطف مع أمه ويري زوجته فى صورة الشرير الذى أفسد عليه حياته.
- عدم فهم الحماة أن زوجة الإبن لا يشترط فيها أن تفكر فى الأمور مثلها تماما، فكل منهما من جيل مختلف وكل منهما له فكر ورأى وخبرة وثقافة مختلفة.
- سطحية بعض الحموات فى النظرة إلى الأمورالمختلفة، فتجدها كل ما يشغلها هى المظاهر وفقط، ما الهدية التى أحضرتها زوجة إبنها لها فى عيد الأم مثلاً؟، كم ثمنها؟، من أين أتت بها؟، ماذا أحضر أهل الزوجة لإبنتهم فى المناسبات المختلفة ... وهكذا.
الأسباب المتعلقة بالزوج
- من الأسباب أن يكون الزوج سئ الخلق مع والدته، فينعكس ذلك على علاقة أمه بزوجته وكأنها تريد أن تعكر عليه صفو حياته مثلما هو يسئ اليها ويعكرعليها حياتها.
- بعض الأزواج ينقل كل ما يدور بينه وبين زوجته – حتى الخصوصيات – إلى أمه، وبالتالى ربما تقول الزوجة رأيها فى حماتها فى بعض الأمور أو التصرفات التى لا تعجبها أو تريحها – وهذا حقها طالما لا تتعدى حدودها- ، فيكون ذلك كالشرارة الأولى التى أتت على الأخضر واليابس.
- كثرة شكوي الزوج من زوجته لأمه، فبطبيعة الحال الأم تتعاطف مع ولدها وترى أن زوجته هى سر تعاسته فبالتالي تبدأ فى المكيدة لها لإزاحتها من حياة ولدها التى تعكرت بسببها.
- عدم فهم الزوج لأن الخلافات والإختلافات بين أمه وزوجته واردة وهى طبيعة البشر، فخلاف أمى مع زوجتى وارد ولست الرجل الوحيد فى العالم الذى يمر بهذه المشكلة أو الازمة.
- قلة خبرة الزوج فى التعامل مع المشاكل واحتواء الأزمات، فإذا نشب خلاف بين أمه وزوجته أقام الدنيا ولا يقعدها وكأنها نهاية العالم، ولا يعرف كيف يحتوى الإثنين ويلطف الأجواء بينهما.
- وقوف الزوج الى صف أمه دائماً سواء كانت لها الحق أم عليها، فبالتالى الزوجة المسكينة تحاول الإنتصار لنفسها التى ترى وكأنها وقعت بين فكى الأسد .
- وبالعكس وقوف الزوج إلى صف زوجته دائماً، فهو يرى أنه زوجته على حق دائماً وأن أمه هى المخطئة .
- ضعف شخصية الزوج، فلا يستطيع اتخاذ قرار فى حياته إلا بالرجوع إلى شخص ما، فيكون كالكرة بين أمه وزوجته .
- تغير معاملة الزوج لأمه وخاصة بعد الزواج فتجده لم يعد يهتم بها ولا يمازحها كما كان يفعل سابقاً، مما يدفع الأم للإعتقاد أن الزوجة وراء هذا التغير.
الأسباب التى تتعلق بالزوجة
- عدم فهم الزوجة لطبيعة حماتها النفسية وطبيعة سنها، فكل إنسان له طبيعته الشخصية المختلفة عن غيره وكل مرحلة عمرية لها طبيعتها، فتجد الزوجة نافرة من كثيرمن طباع حماتها وتحاول جاهدة أن تغير هذه الطباع وهو الأمر الذى يبوء بالفشل؛ لأن الأمهات والآباء فى هذا السن يصعب تغيير طباعهم وعاداتهم.
- سوء معاملة الزوجة لحماتها، لا نعنى عدم خدمتها لها ولكن نعنى أن تقوم بسبها أو التبجح معها أثناء الكلام وعدم احترامها واحترام سنها.
- كثرت الشكوى لزوجها من أمه، فيشعر الزوج وكأن زوجته تريد بث الفتنة بينه وبين أمه.
- محاولة الزوجة إبعاد الزوج عن عائلته وخصوصاً أمه، فتلتهب نار الأم ولا تهدأ.
والآن بعدما تناولنا بعض الأسباب التى تتعلق بأطراف المشكلة ، نوضح لكل طرف ما يجب عليه عند حدوث مشكلة بين الزوجة وحماتها لكى نطفئ نار الفتنة قبل اتقادها.
ما يجب على الزوج
لابد أن يفهم الزوج أن عليه الحمل الأكبر فى الإصلاح والتقريب بين أمه وزوجته، فهو محرك الدفة وبيده العصى السحرية للإصلاح ولذلك سنبدأ به اولاً، فلابد أن يتحلى بالصبر والحكمة ويقدر كل أمر بقدره، وليعلم أن هذه المشاكل وإن كانت تنغص حياته إلا أنها ليست أبدية تستمر طول الدهر ولكنها تمر بعد سنة أو إثنين من الزواج فلا داعى لشد الأعصاب أو القلق والتوتر.- يكون الزوج كحمامة السلام بين أمه وزجته، فيذكر لأمه دائماً أن زوجته تمدحها وتقول فى حقها أحسن الكلام وتشعر أنها تعاملها كإبنتها ، ومع زوجته يقول لها أن أمه مسروة بأنها موجودة معهم وأنها تعتبر أنه قد أضيف فرد إلى أولادها وأنها أصبحت جزء لا يتجزأ من العائلة، ولا ينقل ما يسوءهما .
- أن يحسن الزوج إلى أمه بعد الزواج كما كان يسحسن إليها قبل الزواج، وكذلك يعامل زوجته بكل لطف وود واحتواء.
- لا ينقل خصوصياته الى أمه وأن يدرك أنه فى مرحلة جديدة أصبح لديه شريك جديد يشاركه فى كل أمور حياته وفى قرارته وخاصة التى تتعلق بحياتهما.
- إذا حدثت مشادة بين الأم والزوجة يقف الزوج على حياد تام يسمع من الطرفين ويحاول تقريب وجهات النظر.
ما يجب على الحماة
يجب على الحماة أن تعامل الكنّة – زوجة إبنها – معاملة طيبة وأن تراعى الله فيها وأن تحببها فيها، وأن تعاملها كإبنتها ، تنصحها بلطف ورفق وتحنو عليها، ولتعلم الحماة أن سعادة الكنّة من سعادة إبنها .- الزوجة كملكة تريد فرض سيطرتها على مملكتها وتحكم قبضتها عليها ولا تحب أى تدخل من أى أطراف خارجية حتى وإن كنتِ أنتِ حماتها، فبالتالى تدخلك فى أمورها لن يسرها ولن يأتى على هوى سيدة القصرولن يزيد الأمور إلا سوءًأ، فاتركى ولدك وزوجته يعيشا حياتهما كما يريدان.
- يجب على الأم أن تعلم أن الحياة مراحل فقد كان إبنك فى مرحلة الإعتماد عليك فى كل شئ ، وها هى قد حانت لحظة الإعتماد على نفسه وأن يتحمل مسؤلية نفسه وزوجته.
- زوجة إبنك من جيل مختلف، لها تقافتها وخبراتها ورأيها الخاص بها والمختلف، وهى تعيش فى زمان مختلف عن الزمن الذى وُجِدتِ أنتِ فيه؛ فبالتالى لا يشترط أن تتصرف مثلك تماماً فلا هى مثلك ولا زمانها كزمانك، فلا تنتقديها لمجرد أنها تتصرف بطبيعية أو تتصرف بما يتلائم مع أفكارها ومعتقداتها.
- لابد أن تتحلى الحماة بالعقل والحكمة وخاصة عندما يأتى لها إبنها شاكياً من زوجته، فواجب الحماة هذا الوقت أن تصبِّر الزوج وتفهمه أن هذه مرحلة وستنقضى وأن هذا يحدث فى أغلب البيوت لأن كل منكما عاش وتربى فى بيئة مختلفة ولابد أن يحدث هذا الإختلاف المحمود.
ما يجب على الزوجة
نشر مقال على مجلة " سايكولوجي توداي " يفيد بأنه يجب على المرأة أن تدرك أن التوافق التام بينها وبين حماتها صعب الحدوث، ويجب على المرأة أن تدرك أن حماتها لها فضل وحق علي ولدها وأنها جزء لا يتجزأ من عائلته وحياته، وأن من حق الزوج أن تجمعه علاقة ودية بأمه، ويجب على الزوجة مراعاة الآتى.- أن تحسن الزوجة لأم زوجها – حماتها- وذلك من باب إرضاء زوجها فهذا أمر تقره الشريعة ويقره العقل وتعتبرها أنها بمثابة أمها الثانية، فينعكس ذلك على البيت من سعادة وإستقرار.
- تعمل الزوجة على تقريب الزوج من أمه أكثر ودائماً ما تسأله: هل إطمأننت على أمك اليوم؟، فهذا السؤال يعمل على إذابة ما يعلق من رواسب بين الزوجة وحماتها.
- خدمة حماتها، وإن كان هذا الأمر غير واجب شرعاً ولكن لا شك أن هذه الخدمة ستزيد من فرص التودد والمحبة فى المنزل كله بين الأم وإبنها والزوجة وحماتها والزوج وزوجته.
وفى النهاية نتمنى لكل قمرايه السعادة والإستقرار، والحقيقة أن الصورة ليست قاتمة كما تبدو عليها فى الفضائيات وعلى شاشات التلفاز؛ فقد صورت السينما الحماة على أنها وحش كاسر – بُعبُع – كل ما تفعله فى حياتها هو المكيدة بين ابنها وزوجته محاولة بذلك التنغيص عليهما فى حياتهما ، والحقيقة أن هناك حموات يسعين إلى الصلح وتقريب وجهات النظر بين الزوج وزوجته وتبذل كل طاقتها فى إسعاد زوجتة إبنها التى إن استقرت حياتها وعاشت مسرورة بالتالي سينعكس ذلك بالإيجاب على ابنها .
إذا كان لك تجربة مع حماتك شاركيها معنا لكى يستفيد الجميع .
0 تعليق على موضوع : الزوجة وحماتها | صراع قلبين على قلب !
الأبتساماتأخفاء الأبتسامات